العناق أو ضم صديق أو حبيب أو قريب إلى الصدر هو سلوك إنساني، بل حتى تمارسه بعض الحيوانات. وعند الإنسان يعبر عن مشاعر إنسانية لا تلفظ بكلمات. ونتعلم منذ الصغر أنه يعبر عن المودة والحب ومهم جدا سواء في لحظات الفرح أو الحزن، كما أنه في ثقافات يعبر عن الفرح والترحاب خلال التحية، مثلما هو الحال في الثقافة العربية. طريقة العناق والحضن دفعت باحثين في جامعة بوخوم بغرب ألمانيا إلى إجراء دراسة على تأثير السياق العاطفي على العناق وما إذا كان اتجاه العناق من اليمين أو اليسار يشير إلى دلائل عاطفية أو شخصية معينة.
وخلال هذه الدراسة التي نشر تفاصيلها موقع "جيو" الألماني، درس الباحثون أكثر من 2500 عناق، من خلال مراقبة 2000 عناق في مطار ألماني و500 عناق في الشارع, في أحد المطارات الألمانية، لاحظ الباحثون 1000 حالة عناق في صالة المغادرة و1000 حالة عناق أخرى في صالة وصول للرحلات الدولية, عند المعانقة في صالة المغادرة، تظهر مشاعر سلبية من جانب الأشخاص المعانقين بسبب مشاعر الحزن نتيجة الفراق، كما يعاني ما يقرب من 40 في المائة من الركاب حول العالم من الخوف من الطيران، بحسب دراسات. أما العناق في صالة الوصول، فظهر مختلفا بسبب فرحة اللقاء مرة أخرى والراحة التي تنتج عن النجاة من الرحلة.
لاحظ الباحثون أن معظم الذين درسوا طريقة عناقهم يفضلون عناق اليد اليمنى، أي عناق تمتد فيه اليد اليمنى على الكتف الأيسر للشخص الآخر. وكشفت الدراسة أن "في حالة العناق ، يحدد اتجاه الذراع واليد الجانب الذي يتعانق فيه شخصان".
لكن تبين أن العناق من اليسار أكثر شيوعا في كل من المواقف الممتعة وغير السارة، مقارنة في المواقف المحايدة. وبحسب مقال نشره موقع "جيو" يقول أحد الباحثين: "هذا يرجع إلى تأثير الجزء الأيمن من الدماغ، الذي يتحكم في الجانب الأيسر من الجسم ويعالج المشاعر الإيجابية والسلبية على حد سواء. "أثناء العناق، تتفاعل الشبكات العاطفية والحركية في الدماغ وتؤدي إلى تفعيل الجزء الأيسر من الجسم".
كما أن العناق بين الرجال يأخذ اتجاها مختلفا، إذ حدد الباحثون توجها أقوى لليسار حتى في المواقف المحايدة. وبحسب الدراسة التي نشرها موقع جيو "يفسر هذا على أنه يعني أن العديد من الرجال ينظرون إلى عناق الرجال على أنه أمر سلبي، وبالتالي يميلون إلى اعتباره أمرًا سلبيًا حتى في المواقف مثل التحية". وبسبب المشاعر السلبية، يصبح النصف الأيمن من الدماغ أكثر نشاطا هنا ويؤثر على التنفيذ الحركي لليسار، ولا يخفى أن المشاعر الإيجابية والسلبية تجاه سلوك بشري معين يعود إلى اختلاف في ثقافة المجتمعات.
بحسب مقال نشره موقع "شتيرن" الألماني يتسبب العناق في إفراز هرمون العناق الأوكسيتوسين ، والذي يقلل من مستويات التوتر في ضغط الدم وله تأثير صحي على الجسم. وقد أظهرت دراسة حديثة أن العناق المنتظم يمكن أن يكون له كذلك تأثير إيجابي طويل المدى على صحتنا النفسية. ففي الدراسة المنشورة في مجلة، تابع فريق البحث بقيادة الباحث يوليان باكهايزر، من مختبر الدماغ الاجتماعي في المعهد الهولندي لعلوم الأعصاب في أمستردام، 94 شخصا بالغا لمدة أسبوع.
تعليق