هل يمكن لمجرّتين في الفضاء الابتعاد إحداهما عن الأخرى بسرعة أكبر من سرعة الضّوء؟ الجواب القصير والمُفاجئ هو نعم، إنّ ثابت هابل يستخدم لقياس مدى سرعة توسّع الكون في يومنا هذا، وقيمته تُساوي 70 كيلو متر في الثّانية لكلّ مليون فرسخ فلكيّ (الفرسخ الفلكيّ هو وحدة لقياس المسافة، تُساوي تقريبًا 3.26 سنة ضوئيّة، والميجابارسيك هو مليون فرسخ فلكيّ).
هذا يعني أنّ معدّل ابتعاد مجرّتين عن بعضهما يُساوي 70 كيلو متر في الثّانية لكلّ مليون فرسخ فلكيّ. لهذا، لكي تبتعد المجرّتان إحداهما عن الأخرى بسرعة الضّوء يجب أن تنفصل بمسافة 4300 مليون فرسخ فلكيّ، هذا أصغر من نصف قطر الكون الّذي يمكن رؤيته. على الرّغم من وجود مجرّات في الكون تبتعد عنّا بسرعة أكبر من سرعة الضّوء، نحن ما زلنا نراها.
كيف يمكننا أن نرى مجرّة أُخرى تبتعد عنّا بسرعة أكبر من سرعة الضّوء؟ و السؤال الثاني هو ألا يكون أمر ابتعاد جسمين أحدهما عن الاخر بسرعة أكبر من سرعة الضّوء، خرقًا لقوانين النّظريّة النّسبيّة؟
الإجابة عن السّؤال الأوّل هي أنّ الضّوء الذّي تبعثه المجرّة البعيدة عنّا لن يصلنا اليوم، وبالتّالي لن نعرف كيف تبدو. هذا لأنّها تبتعد عنّا بسرعة أكبر من سرعة الضّوء، والضّوء المُنبعث منها لا يُسافر بسرعة كافية ليصلنا. ما نراه اليوم، هو الضّوء الّذي انبعث منها قبل مليارات السّنين، عندما كان الكون أصغر (تذكّر بأنّ الكون دائم التّوسّع)، وعندما لم تبتعد المجرّة عن درب التّبّانة بنفس سرعة ابتعادها اليوم. بكلماتٍ أُخرى، شكل المجرّة البعيدة الّذي نراه اليوم هو الشّكل الّذي كانت عليه قبل مليارات السّنين.
السّؤال الثاني هو سؤال مثير للاهتمام ومُربك للكثير من النّاس. تنصّ النّظريّة النّسبيّة على أنّه ما من شيء يُسافر بسرعة تفوق سُرعة الضّوء، ولكن هذا يرجع إلى الحركة بالمعنى التّقليديّ؛ بما معناه أنّك لا تستطيع إطلاق سفينة فضائيّة بسرعة أكبر من سرعة الضّوء. لا تُسافر هاتان المجرّتان في الفضاء، ولكنّ الفضاء بينهما هو الّذي يتوسّع. أو، يمكن القول بأنّ المجرّتين ثابتتان والفضاء بينهما يتمدّد. ولهذا لا يخرق هذا الأمر قانون النّظريّة النّسبيّة، لأنّنا لا نتحدّث عن الحركة بالمفهوم التّقليديّ.
تعليق