حَطّوا رحالهم فوق الأراضي الكندية كطلاب جامعات بعد منتصف القرن العشرين، ومن ثم بدأوا بالتنسيق مع أقرانهم من أعضاء التنظيم السري إلى الجنوب من الحدود، وتحديداً في الديار الأمريكية. وعندما لمسوا هامشاً سقفه السماء من الحريات الدينية والسياسية والاجتماعية تقدمه "العلمانية الغربية" للناس، نشطوا في نشر فكرهم السلفي الخاص، وإقامة مؤسسات اجتماعية، وخدمية فيما يسمونه جهاد الاستقرار والدعوة في الديار الغربية.
هكذا بدأت قصة الإخوان المسلمين في كندا، وهكذا تواجدوا في أوساط الجالية الإسلامية التي قارب عددها الآن على المليون مسلم كندي. وبعد أزيد من خمسة عقود منذ بدء نشاطهم في كندا، يجد المراقب أنّ الإخوان أصبحوا مواطنين كنديين، ويقومون بتحريك منظمات مجتمعية ضخمة بأصابع خفية لا تظهر إلا إذا قامت السلطات الأمنية بتعقب أي نشاط ظاهره خيري، أو اجتماعي، ولكنه يصب في مصالح الحركة الأم في كندا، أو في الدول الإسلامية.
وتتعدد النشاطات الإخوانية خلف مسميات كثيرة في الأراضي الكندية. ولكن إدارتهم لها تبقى دائماً متوارية، خشية الملاحقة الأمنية بدعوى تمويل ودعم الإرهاب. ومن الأمثلة على هذه الأنشطة: اتحادات الطلبة المسلمين، ومؤسسات مجتمعية، وجمعيات خيرية، ومدارس إسلامية، ودور تحفيظ القرآن الكريم، وإدارة مساجد في المدن الكندية.
تعود بدايات النشاط الإخواني المجتمعي والسياسي في بلاد شجرة القيقب إلى لقاءٍ في جامعة إلينوي فرع منطقة إيربانا شامبين الأمريكية، بحسب المشروع الاستقصائي عن الإرهاب، حيث حضر النشاط الإخواني وفد من طلاب الإخوان المسلمين الدارسين في كندا، وذلك في أول الاجتماعات لتأسيس اتحاد للطلبة المسلمين في عام 1962. وجاء لهذا الاجتماع كوادر طلابية إخوانية، جلهم من ولايات أمريكية شمالية وقريبة من كندا، مثل إلينوي وميتشيجان وإنديانا. واتفقوا حينها على الاجتماع ثانية في عام 1963 للإنشاء الرسمي لرابطة الطلاب المسلمين في أمريكا الشمالية (أمريكا وكندا):
ويؤكد ذلك موقع "إخوان ويكي"، الذي أسسته مجموعة من الباحثين من الإخوان المسلمين في مصر في عام 2008، حيث يشير الموقع إلى أنّ التأسيس للرابطة الطلابية في أمريكا وكندا، قد تم فعلاً في العام 1963. وبدأت نشاطات الإخوان المسلمين في أمريكا الشمالية، منذ ذلك التاريخ، تتوسع وتتعدد.
وفي خطاب ألقاه القيادي الإخواني الأمريكي، زيد نعمان في ولاية ميسوري الأمريكية في العام 1980، ذكر بدايات إنشاء الإخوان المسلمين لاتحاد الطلاب المسلمين في أمريكا الشمالية. وبيّن نعمان أنّ أعضاء الاتحاد كانوا يتواصلون مع أي طالب مسلم يحضر للدراسة في الجامعات الأمريكية والكندية، ومن ثم استقطاب ذلك الطالب للاتحاد. وصرح بأنّ القيادات التنفيذية للاتحادات الطلابية الإسلامية في أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) كانت حصراً على أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين.
تعليق