الملك امام الامم المتحدة: الاردن لن يكون وطنا بديلا.. والعدالة الدولية تنصاع للقوة
- بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس،
السيد الأمين العام،
أصحاب الفخامة،
خلال ربع القرن الماضي، لطالما وقفت على هذا المنبر والصراعات الإقليمية، والاضطرابات العالمية، والأزمات الإنسانية تعصف بمجتمعنا الدولي وتختبره.
وغالبا لم تمر لحظة على عالمنا دون اضطرابات، إلا أنني لا أذكر وقتا أخطر مما نمر به الآن.
تواجه أممنا المتحدة أزمة تضرب في صميم شرعيتها، وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية. إن الأمم المتحدة تتعرض للهجوم، بشكل فعلي ومعنوي أيضا.
فمنذ قرابة العام، وعلم الأمم المتحدة الأزرق المرفوع فوق الملاجئ والمدارس في غزة يعجز عن حماية المدنيين الأبرياء من القصف .
وتقف شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بلا حراك، على بعد أميال فقط من فلسطينيين يتضورون جوعا، كما يتم استهداف ومهاجمة عمال الإغاثة الإنسانية الذين يحملون شعار هذه المؤسسة بكل فخر، ويتم تحدي قرارات محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وتجاهل آرائها.لذلك، فإنه لا عجب أن الثقة بالمبادئ والقيم الأساسية للأمم المتحدة قد بدأت بالانهيار، سواء داخل هذه القاعة أو خارجها. فالواقع الأليم الذي يتجلى أمام الكثيرين هو أن بعض الشعوب هي فعليا فوق القانون الدولي، وأن العدالة الدولية تنصاع للقوة، وأن حقوق الإنسان انتقائية؛ فهي امتياز يمنح للبعض ويحرم البعض الآخر منه حسب الأهواء.
أصحاب الفخامة،
لقد تسبب العدوان بأحد أسرع معدلات الوفيات مقارنة بالصراعات الأخيرة، وأسفر عن أسرع معدلات المجاعة بسبب الحروب، وأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف، ومستويات غير مسبوقة من الدمار.
لقد قتل في هذه الحرب أطفالا وصحفيين وعمال إغاثة إنسانية وطواقم طبية أكثر من أي حرب في التاريخ الحديث.وعلينا ألا ننسى الهجمات على الضفة الغربية. فمنذ 7 تشرين الأول، قتلت الحكومة الإسرائيلية أكثر من 700 فلسطيني، منهم 160 طفلا، وتجاوز عدد الفلسطينيين المحتجزين في مراكز الاعتقال 10 آلاف و700 معتقل، منهم 400 امرأة و730 طفلا ... 730 طفلا! وتم تهجير أكثر من 4 آلاف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم، كما تصاعد العنف المسلح الذي يمارسه المستوطنون بشكل كبير، وتم تهجير قرى بأكملها.
- أخيرا وليس أخيرا أحب ان اقول .
ومهما اختلفنا سياسيا، هنالك حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها، وهي أنه لا ينبغي لأي شعب أن يتحمل مثل هذه المعاناة غير المسبوقة، وحيدا. علينا ألا نترك المستقبل رهينة بيد من يزدهرون بتعميق الفرقة والصراع.
وأحث جميع الدول ذات الضمير أن تتحد مع الأردن في هذه المهمة خلال الأسابيع القادمة الحرجة. فبعد مضي عام تقريبا على هذه الحرب، أثبت عالمنا فشله سياسيا، ولكنّ هذا لا يستوجب أن تخذل إنسانيتنا أهل غزة بعد الآن.
تعليق