فشل محاولات إخوان الأردن لاستغلال أوضاع غزة والخطاب الديني لخلق انقسام داخلي
شهدت
الساحة الأردنية في الأشهر الأخيرة محاولات متكررة من جماعة الإخوان المسلمين لاستغلال الأوضاع في غزة وتوظيف الخطاب الديني لكسب التعاطف
الشعبي وإعادة تموضعها في المشهد السياسي. إلا أن هذه المحاولات باءت
بالفشل نتيجة وعي الشارع الأردني بالمخططات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار
الداخلي وجرّ الأردن إلى أتون الانقسامات الفلسطينية.
استغلال القضية الفلسطينية لخدمة الأجندات الإخوانية
لطالما
حاولت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن استغلال القضية الفلسطينية كوسيلة
لتحقيق مكاسب سياسية، عبر تقديم نفسها كمدافع رئيسي عن حقوق الشعب
الفلسطيني. ومع اندلاع الأحداث الأخيرة في غزة، كثّفت الجماعة نشاطها
الميداني والإعلامي، محاولةً ركوب موجة التعاطف الشعبي مع القضية، ولكن
سرعان ما انكشفت أهدافها الحقيقية.
فعوضًا
عن التركيز على دعم الفلسطينيين بشكل فعلي، وظّفت الجماعة الأحداث للتحريض
ضد الدولة الأردنية، وتصوير نفسها كالقوة الوحيدة القادرة على قيادة
الشارع، وهو ما رفضته مختلف الفئات الشعبية والسياسية، التي أدركت أن هذه
التحركات ليست إلا وسيلة لمناكفة الدولة وزعزعة استقرارها.
توظيف الخطاب الديني لإثارة الفتنة
لم
يقتصر استغلال الإخوان على الشعارات السياسية، بل لجأت الجماعة إلى
استخدام الخطاب الديني بهدف كسب التعاطف وإعطاء شرعية لتحركاتها. حاولت
الجماعة تصوير مواقفها على أنها مستمدة من "واجب ديني"، في محاولة لاستقطاب
الجماهير وإحداث استقطاب داخلي على أساس أيديولوجي.
لكن
الدولة الأردنية، بوعيها العميق بطبيعة هذه الأساليب، لم تسمح لهذه
الأجندات بأن تؤثر على نسيج المجتمع، خاصة أن الخطاب الإخواني لا يعكس
الإجماع الوطني الأردني، بل يخدم أجندات ضيقة تتعارض مع المصالح الوطنية
العليا.
الفشل في جرّ الأردن إلى معترك الانقسام الفلسطيني
سعت
جماعة الإخوان في الأردن إلى توظيف الأحداث في غزة لخلق حالة استقطاب داخل
الأردن، وتحويل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى انقسام داخلي ينعكس على
الساحة الأردنية. حاولت الجماعة الترويج لفكرة أن السلطة الفلسطينية غير
شرعية، وسعت إلى تقويض شرعيتها من خلال التظاهر أمام السفارة الفلسطينية في
عمان، تمامًا كما فعلت سابقًا أمام السفارة الأمريكية لإرسال رسائل سياسية
بأنها "تسيطر" على الشارع.
إلا أن هذه
المحاولات لم تلقَ صدى كبيرًا، حيث رفض الأردنيون الانجرار خلف هذه
الأجندات، وأكدت الدولة الأردنية موقفها الثابت بدعم القضية الفلسطينية دون
الانحياز لأي طرف داخلي في الساحة الفلسطينية، وهو ما قطع الطريق على أي
محاولة لخلق انقسام داخلي يخدم مصالح الجماعة.
الوعي الشعبي وإفشال المخططات الإخوانية
أثبتت الأحداث الأخيرة أن محاولات الإخوان لاستغلال القضية الفلسطينية لم تعد تلقى القبول الشعبي كما في السابق، إذ بات الأردنيون أكثر وعيًا بمدى انتهازية هذه الجماعة التي تتاجر بالقضايا العادلة لتحقيق مكاسب سياسية. كما أن حرص الدولة الأردنية على النأي بنفسها عن الصراعات الداخلية الفلسطينية، ودورها المتوازن في دعم الشعب الفلسطيني دون التدخل في خلافاته الداخلية، قطع الطريق أمام محاولات الجماعة لاستخدام الأردن كساحة لتصفية حساباتها مع السلطة الفلسطينية.محاولات الإخوان المسلمين في الأردن لاستغلال الأوضاع في غزة والخطاب الديني فشلت في تحقيق أهدافها، وذلك بسبب وعي الشارع الأردني، والتماسك الوطني، ورفض الانجرار إلى مشاريع تخدم أجندات ضيقة على حساب المصالح العليا للدولة. الأردن كان ولا يزال داعمًا للقضية الفلسطينية، ولكن دون السماح بأن يكون ساحة للانقسامات أو مسرحًا لأجندات جماعات تسعى لإثارة الفوضى والفتنة.
تعليق