السبت، 29 أبريل 2023

شربل

معضلة الإخوان واستقرار الأوطان

شربل بتاريخ عدد التعليقات : 0

زعيم الاخوان


لا شك في أن جماعة الإخوان المسلمين هي الأم الشرعية لكل التنظيمات الدينية المتصلة بـ الاسلام السياسي، إذ لم تتوقف التنظيمات العنقودية المتبادلة بين الجماعات المختلفة، بدءاً من أشدها تطرفاً، وصولاً إلى أكثرها اعتدالاً، ولا يعني ذلك أنني أحمّل الجماعة كل الأعمال الإرهابية أو الممارسات العنيفة التي يرتكبها دعاة الإسلام السياسي في كل مكان، بل إننا نعترف أن الجماعة قد دانت كثيراً من الأعمال الإرهابية، ولكنها لم تقبل تكفير الخوارج الذين حاولوا تلويث صورة الإسلام وتلطيخ سمعته ظلماً وافتراءً، ويكفي أن نتذكر في مصر أنه فور إنهاء حكم الجماعة خرجت العناصر المتطرفة في سيناء وغيرها تضرب استقرار الوطن وتهدد أمن الشعب استجابة لشعور خفي بأن الأم الكبرى، وهي الجماعة، قد تلقت ضربة عنيفة من الشارع المصري، فأصبح من حق أتباعها أن يثأروا لها، وأن يقاوموا من اعترض طريقها.

فقد استخدمت جماعة الاخوان الديمقراطية الغربية وسيلة لتحقيق غاياتها على الرغم من أنها لا تؤمن بتلك الديمقراطية، بل ولا تعترف بنتائجها عند اللزوم، وإنما تستخدمها كسلم تصعد عليه إلى السلطة، فإذا ما بلغتها ركلت السلم، فلا هي نزلت به، ولا سمحت لغيرها بالصعود! بل احتكرت الحكم لنفسها اغتصاباً وتعصباً وتطرفاً.

ولا يؤمن الإخوان بأن الأمة هي مصدر السلطات، ولا يقبلون بتداول السلطة أو دوران النخبة، فكل شيء يعادي سياساتهم مرفوض أصلاً، لأنهم يظنون أن الدنيا لهم، ولهم وحدهم، في تعصب مقيت وطاعة عمياء، كما أنهم يطوعون أحكام الشريعة ونصوص الفقه بما يخدم أهدافهم على حساب الحقيقة، ودون نزاهة أو تجرد، ولقد تشجعت الجماعة بوصول الثورة الإيرانية إلى الحكم عام 1979 مع أن الفارق في نوعية الكوادر السياسية بين السنة والشيعة، فارق كبير، فالكوادر السنية فقيرة ومحدودة، أما الكوادر الشيعية فقد جرت تربيتها سياسياً، وتمكينها سلطوياً، بحيث أصبحت قادرة على السياسة والحكم، بغض النظر عن رأينا فيما يفعلون.

إن الدرس التونسي الذي يجسد العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة الوطنية في أقطارها المختلفة إنما هو برهان جديد على إخفاق الجماعة في التعامل مع غيرها وانعدام قدرتها على فهم طبيعة الشعوب ومشاعر الأمم، فلقد لقنهم التونسيون درساً يكاد يكون صورة جديدة من الدرس الذي لقنهم إياه الشعب المصري عام 2013، لقد استطاع التوانسة البواسل بقيادة رئيس خرج من صفوف الجماهير دون انتماء حزبي أو لون ديني، إنقاذ البلاد والعباد من سطوة الجماعة وقدرتها على تغيير الحقائق وتزييف الأمور حتى وإن حصلت على أغلبية برلمانية بمنطق ليّ الحقائق وتطويع النصوص.

إن جماعة الإخوان المسلمين ظاهرة متشعبة فرضت نفسها على العالمين العربي والإسلامي، وصدّرت مشاكلها إلى الدول الغربية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والدول الشرقية في آسيا وأفريقيا، ودمغت الإسلام ظلماً بالعنف، وجعلت المسلمين محل شك في كثير من دول العالم، فهم المنتظرون في المطارات، الواقفون في طوابير السفارات على الرغم من أن الإسلام دين الرحابة والسماحة والموضوعية، إنه الدين الذي جعل التفكير فريضة إسلامية فكيف لأتباعه أن يُمارسوا الأفعال الإرهابية، أو يشاركوا في الجرائم التي تؤدي إلى ترويع الناس وزرع الفتنة ونشر الفوضى؟

ولا شك الآن في أن جماعة الإخوان المسلمين قد مارست تأثيراً سلبياً في وحدة الأمة ونهضة الشعوب، ولنتذكر كم الاغتيالات السياسية الذي مارسته في مصر وتونس وغيرهما على امتداد سنوات طويلة من بدايات الدعوة التي أسهمت فيها بريطانيا بأول دعم مالي من مكتبها في شركة قناة السويس تحيةً للشيخ حسن البنا ودعماً له، لذلك فإنني أعتبر الجماعة مسؤولة أيضاً عن الإخفاق الديمقراطي في المنطقة وهز الاستقرار وتقسيم المجتمعات دون مبرر، وتلك هي معضلة الإخوان في تقسيم الأوطان.

معضلة الإخوان واستقرار الأوطان
تقييمات المشاركة : معضلة الإخوان واستقرار الأوطان 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق